الشيخ عامر قصة رعب مخيفة
خلّصت صلاة العصر في المسجد وقعدت بسبّح في الركن كعادتي ..
قد إيه بحسّ براحة غريبة لمّا بخلّص الوِرد بتاعي قبل ما أروّح، وخصوصًا لو زي النهاردة الخميس، عادةً بيبقى يوم هادي بيعدّي بسُرعة .. المسجد واحدة واحدة بيفضى من المُصلّين والدوشة بتقلّ، مريّح راسي عالعمود الرُخام البارد وسارح في ملكوت الله، الثُريّا العالية المدلدلة من السقف، الإزاز الملوّن والخشب الأرابيسك، الببان الواسعة اللّي .. إيه دا..؟.
قطع حبل تفكيري بنت واقفة برّة لافّة طرحة على شعرها وواقفة أكنّها بتبص عاللّي جوا .. نظرها متثبّت عليّا أنا .. اتعدلت كدة شوية وبصّيت حواليّا .. مفيش حد غيري .. بصّيت تاني عالباب ملقتش حد واقف .. معرفش موقف عادي، بس استغربت كدة .. اتململت في مكاني بالرّاحة، السن ليه حُكمُه بردو .. وقُمت ..
.
اتمشّيت لحد الباب، سندت على ضلفته وبصّيت برّة، مفيش بنات واقفين بإيشـ... أهي ..
.
اقرا أيضاً : مصحة ويفرلي هيلز النفسيةواقفة على جنب، ورا عمود الشمسية الضخم اللّي برّة وبردو بصّالي، مش من عادتي أكلّم ستّات، بس في حاجة فيها كانت مألوفة .. روحت ناحيتها وأنا ساند على عُكّازي وبسبّح لسّه، كانت واقفة أكنّها تايهة، خايفة، بس عينيها فيها لمعة كدة متعرفش لهفة ولا توتر ولا .. سُخرية ..؟
.
.الشيخ عامر؟
اتفاجئت بسؤالها وبصّيتلها كدة اللّي هو، إيه دا..؟
..أيوة يابنتي، أنا الشيخ عامر، إنتي مين ولا تعرفيني منين ..؟
.أنا محتاجاك يا شيخ، أنا تعبانة أوي ..
..ألف بعد الشر عليكي يابنتي، خير، مالك ..؟
.مش هينفع هنا، ممكن نقعد في مكان ..؟
..أكيد يابنتي، تعالي المسجد لسّه هيفضل مفتوح لصلاة المغرب و...
.لأ ..! في المسجد لأ ..! ممكن نقعد في مكان تاني ..؟
.. وليه يابنتي المسجد لأ ليه ..؟
.متحرجنيش يا شيخ، مش هينفع أدخل ..
.
طبعًا فهمت وأنا اللّي اتحرجت، فاتنحنحت كدة وقولتلها "آه يابنتي طبعًا طبعًا، تعالي في ساحة فاضية هنا نقعد فيها .." .. ومشيت قُدّامها ..
.
قعدنا وإذاعة القرآن شغّالة فالخلفية .. ولحد اللحظة دي مش عارف أفهمها، مُتردّدة، خايفة وشوية ألاقي شبح ابتسامة سُخرية على وشّها، البنت دي نفسيتها مش مظبوطة .. دي واحدة شافت كتير ..
.
.أهلي يا شيخ .. متبهدلين ومبهدلين الدنيا ..
..إزّاي ..؟ بيعاملوكي وحش ..؟
.يا ريت، بس لأ يا شيخ .. أهلي ملبوسين ..
.....
.سكت ليه يا شيخ ..؟
..مقدرش أفيدك يابنتي، ماليش في السكّة دي، في الشيخ الفيّو...
.لا يا شيخ عامر، محدش غيرك هيقدر يساعدني ..!
..يابنتي أنا مبفهمش في الحاجات دي و..
.يا شيخ عامر أرجوك، أنا عارفة إنك هتقدر، لازم تساعدني حياتي بقت جحيم ..!
..واشمعنا أنا يابنتي ..؟ .. إيه الثقة دي ..؟
.عشان أنا لفّيت يا شيخ، مسبتش حد غير لمّا سألته، روحت للمسلم والمسيحي واليهودي .. آخرهم كان قسّيس من دير القدّيس سمعان في زيارة لكنيسة هنا ولمّا فشل قالّي عليك، وقالّي إنّي هلاقيك هنا ..
.
اقرا أيضاً : معلومات مخيفة عن ذبابة deer fly المرعبة
.
صوت فرقعة واطي خضّني، ببُص لاقيت الراديو ضَرَب وطالع من فيشته دخان، واضح إن حصلّه قفله، أعصابي متوترة كدة ليه .. المُهم بصّيتلها وكملت كلامي ..
.
..يابنتي أنا بطّلت الكلام دا من زمان، مبقتش بعالج .. سيبت الكلام دا لناسه، و..
.يا شيخ أرجوك، احنا متبهدلين، حياتي حرفيًا اتدمرت وأهلي هيموّتوني ..! معندكش فكرة بيعملوا فيّا إيه ..! بيضربوني يا شيخ وبيمنعوا عنّي الأكل ..! خلّوني أقتل قطّتي وأعلّق جثّتها على باب أوضتي ..! أنا هربانة من وراهم عشان أجيلك دلوقتي ..! أنا هموت من الخوف يا شيخ، دي مبقتش أمي ولا دا بقى أبويا، بقول ناس تانيين غيرهم .. حتّى صوتهم مبقاش صوتهم ..!
..يا حبيبتي اهدي بس وافهمي، أنا أقسمت إنّي مش هحط إيدي في الكلام دا تاني، و..
.وأنا مش هسيبك إنت آخر أمل ليّا ..!
..ودا كان آخر حاجة قالتهالي قبل ما تموت ف إيدي ..
....
..أيوة يابنتي، من ١٥ سنة بنّوتة زيّك ماتت على إيدي وأنا بعالجها، كانت متبهدلة وبيتها مليان، الموضوع مكنش سهل، وخد وقت طويل، وفي آخر جلسة حصل اللّي حصل ..
....
..مهما حصل مش هقدر أوصفلك إحساسي يابنتي، المفروض مقولش كدة بس دا كان نهايتي .. عُمري ما هقدر أنسى صوته وهو خارج منها وهي بتموت .. صوته وهو بيتوعدّني وبيقولّي إنّه هيرجع وإنّه هينتقم لسّه بسمعُه ف ودني لحد دلوقتي ..
*دي لمعة سُخرية ولا خوف اللّي في عينيها*
اقرا أيضاً : الحب الحر بقلم محمد غنيم.أ.. أنا مش عارفة أقولك إيه، بس مستعدة استحمل المُخاطرة يا شيخ عامر، أنا شوفت كتير لدرجة إّني فكرت أنتحر لولا إنّي أجبن من كدة ..
..طب بُصّي يابنتي، أنا هجرّب أزوركوا مرّة كدة أتطمّن عالبيت الأول عشان نتأكّد المُشكلة ومنين ونشوف الدنيا هتمشي إزّاي ..
.
لقيتها دفنت وشّها في إيديها وانهارت في العياط، صعبت عليّا أوي، فخدت عنوانها ووعدتها بالزيارة بُكرة بعد الصلاة، بس قالت إنّ مش هينفع ولازم يبقى يوم تلات، عشان أهلها ميبقوش فالبيت وقامت هي مشيت وفضلت أنا قاعد شوية وأنا حاسس إن يومي باظ ومزاجي اتعكّر وبدعي ربنا مندمش ..
.
وسُبحان الله الوقت جري زي الصاروخ، ولقيت نفسي ماشي ناحية بيتها، بيت على أول الزراعة، بعيد عن العمار شوية، نسيت أقول إننا في قرية قبل المنيا بشوية .. وصلت البيت .. خبّطت، فتحتلي هي وكانت لابسة نفس اللبس اللي شوفتها بيه، البيت ريحته وحشة أوي، أكنّ في لحمة معفنة، بارد، أغلبه مضلّم، معرفش عايشة فيه إزّاي ..
.
سمّيت الله وقريت وِرد صغير وأنا واقف عالعتبة وبحرّك صوابعي عالخاتم بتاعي، والسبحة بتلف ف إيدي، كنت بحاول أكشف الأول قبل ما أدخل، الغريب إن اللّي قابلني كان صمت تام، مش سامع أي حاجة، وسواد مغطّي البيت كلّه، افتكرت ذكرى ما بعيدة .. من ١٥ سنة كدة .. ارتعشت شوية .. سمّيت الله تاني ودخلت ..
.
البيت صغيّر مش كبير، دور واحد أرضي، دخلت ووقفت فالصالة اللّي في آخرها طُرقة بتودّي على أوضتين في الآخر، قدّام أوضة منهم في جثّة قطّة متعلّقة بخيط، مكنش في مجال للتخمين دي أوضة مين .. طلّعت من جيبي إزازة صغيرة مليانة سائل ما، كنت مجهّزها قبل ما آجي وقاري عليها، شاورتلها تطلع من الشقة تقف عالباب عشان لو أهلها جُم، ووطّيت دحرجت الإزازة بالرّاحة عالأرض، وكل ما تمشي لون السائل اللّي جواها يتعكّر، والأرض تعلّم .. بُقع دم غامق .. واسمع صوت شهقات .. لحد ما سمعت صوت هبدة ورايا ..!
اقرا أيضاً : تأثير الفراشة بقلم خديجة المالكياتنفضت وبصّيت ورايا لقيتها فاتحة الباب وواقعة على الأرض وراه مُغمى عليها، جريت عليها لقيت جسمها بارد أوي، حاولت أفوقها معرفتش، مستحملتش اللّي شافته، مكنش ينفع أشيلّها طبعًا، وبصراحة مكنتش عايز أدخل ألفّ في الشقّة، بس غصب عنّي لازم أحاول أفوّقها قبل ما أهلها ييجوا وتبقى مُصيبة، كنت حاسس إنّي هندم .. ودلوقتي بضرب نفسي بالجزمة ..
.
قرّرت أدخل أدوّر على إزازة ريحة أشممهالها، ماشي على مهلي بحسّس عالحيطان، وأنا سامع أصوات همس، شهقات، عفش بيتزقّ، في إضاءة واطية جاية من كشّاف فالشارع برّة نوره معدّي من الشيش .. أنا كبرت عالبهدلة دي .. ماشي وأنا بقرا حاجات من القرآن، روحت عالأوضة اللّي متعلّق قدّامها القطّة، قالتلي إن دي أوضتها فأكيد هلاقي فيها إزازة ريحة .. فتحت الباب ودخلت بالراحة ..
.
الريحة لا تُطاق، أعتقد الأوضة دي هي مصدر الريحة، وباردة جدًا لدرجة إني اترعشت، ورفعت ياقة الجلبية على رقبتي .. سامع نبض قلبي ف ودني، وقفت آخد نَفَسي .. الأوضة ضلمة كُحل مش شايف كفّ إيدي، حركت كف إيدي عالحيطة بحسّس على كُبس النور، لحد ما فتحته .. نور أصفر مهزوز .. ويا ريتني ما فتحته ..
.
الأوضة مفيهاش عفش، الحيطان متبهدلة شخبطة، صُلبان على نجوم على طلاسم، مرسومين بالأحم .. دم دا ..؟ .. بس المُصيبة الكبيرة كانت عالأرض ..!
اقرا أيضاً : اغرب طرق العلاج في الماضينجمة كبيرة مرسومة بالدم .. ليها خمس أركان .. في كل رُكن في شمعة كبيرة سودة مطفية .. ومرمي تحتها جثّة راسها ناحية مركز الدايرة ..!
.
رُكن واحد فيه شمعة بس وفاضي، باقي الأركان فيهم ٣ رجال وواحدة ست كبيرة في السن، عريانين وجسمهم متقطّع علامات وطلاسم هم كمان زيّهم زيّ الحيطان .. واحد منهم والست تحتهم لبس عادي، بس الراجل التاني تحتيه عباية طويلة بنّي، والتالت تحتيه كومة هدوم سودا وحاجة لونها مووڤ شبه البدرشين .. بتاعة القساوسة .. وفجأة فهمت كل حاجة .. بس للأسف بعد فوات الآوان ..!
.
اتنفضت ف مكاني وحسّيت بقلبي هيقف من المنظر، قبضت على صدري جامد كدة فالوقت اللّي النور اتّطفا مرّة واحدة والشموع ولّعت وهبّ عليّا هوا بارد من ورايا من ناحية الباب وارتفعت أصوات همسات وأجنحة بترفرف فلفّيت بأقصى سُرعة سنّي يسمحلي بيها، عشان أشوفها واقفة عالباب على ضوء الشموع، شعرها منفوش وعينيها بتلمع وريحة عفونة شنيعة جايّة من ناحيتها .. وعلى وشّها أكبر ابتسامة سُخرية مُرعبة شوفتها ف حياتي .. دلوقتي عرفت ليه المشاعر المُختلطة ما بين توتر وخوف وسخرية .. وليه مكانتش عايزة تدخل المسجد .. وليه الراديو باظ والقرآن فصل .. دلوقتي بس عرفت ليه طول الوقت كنت حاسس إنّها مألوفة .. !!
اقرا أيضاً : تجارب الفيس بوك غير الشرعية علي المستخدمينوهنا قلبي مستحملش وحسّيت بالدنيا بتلف بيّا وبقع من طولي .. بين رجليها ..
.
معرفش فضلت قدّ إيه مُغمى عليّا، بس فتّحت عيني بالراحة وأنا حاسس إن خلاص، مش هطلع من هنا على رجلي، قلبي شكله هيعملها .. مرمي في الركن الفاضي من النجمة وراسي لمركزها أنا كمان، عريان وجلبيتي وعمامتي تحتيًا .. بالراحة برفع عيني لفوق لقيت وش بشع كلّه خدوش وعينين مشقوقين بالطول وريحة قذرة عمتني .. وابتسامة سُخرية مالية نص وشّها .. وماسكة ف ايديها سكّينة صغيرة عشان تشرّح جسمي بيها .. قلبي مش هيستحمل ..
.
قريت نصّ القرآن ف سرّي، حاولت أنادي أي حد يساعدني مفيش .. عشان كدة معرفتش أكشف وأنا واقف عالباب، الشقّة كلّها أكنّها في حُفرة عميقة، سواد مش طبيعي .. صوتي طلع مني مهزوز غصب عنّي وأنا بعلّي صوتي بالقرآن وهي بتبتسم أكتر ويُخرج من بؤها صوت راجل كبير ومخيف ..
.
.إزيّك يا شيخ عامر ..؟ أنا عارفك طبعًا، وهل يخفَى القمر ..؟ حتّى وإنت بعيد لسّه صيتك واصل لينا هناك، بس يلّا، كُلنا لها صح ..؟"
.
اقرا أيضاً : قصة الدبابة fighting girlfriend والروسية ماريا
مردّتش عليه وأنا بعلّي صوتي بالقرآن أكتر وضربات قلبي بتسرّع أكتر وأكتر، وهي ولا هو ولا أكنّي بقول حاجة .. وبيمشّي طرف السكّينة على جسمي وبيكمّل كلام "جه الوقت إنّي أتجسّد، مش هفضل حياتي كلّها خيال في عقل البشر .."
سرحت فالفراغ ودموعي اتجمّعت في عيني، وشفايفي بتّمتم باللّي بييجي على بالي والصوت بيكمّل ..
وعشان دا يحصل لازم الطقوس اللّي إنت شايفها دي، طبعًا إنت فاهم كل دا، دم وطلاسم ورجال أديان، هي مكدبتش عليك، اليهودي والمسيحي هنا أهم مرميين، أنا اللّي كدبت عليك، أبوها وأمها غلابة، ماتوا أول ناس، ومرميّين قدّامك أهو .. اشمعنا هي ..؟ واشمعنا لأ ..؟ حظّها السئ بس .." وكمل بلهجة تريقة "آه، متحاولش يا شيخ، أنا أقوى .."
اقرا أيضاً : سحر كهف وادي سنور في مدينة بني سويفضربات قلبي وصلت لدماغي، عيني بدأت تقفّل تاني، عُمري ما كُنت أتخيّل نهايتي تيجي بالمنظر دا، أُضحية عشان شيطان يعدّي .. بدأت أحسّ بالسكينة بتشُق جلدي والملعون(ة) بيتمتم حاجات بصوته المُخيف وبآخر أنفاس تطلع منّي همست "واشـ.. اشـ.. اشمعنا أ.. أنا ..؟" ..
.
وكان الرد بسُخرية قبل ما الدنيا تضلّم قدّامي لآخر مرّة "عشان أنا قولتلك من ١٥ سنة إنّي هرجع وهنتقم .."
.
لزيارة صفحة كاتب القصة علي الفيس بوك أضغط هنا
تعليقات: 0
إرسال تعليق